إن العمل السياسي والثوري هو مسئولية ملزمة على كل من تقدم صفوف الشعب ناشطاً وسياسياً وثورياً وإدارياً، أو جندياً في الميدان يزود عن حمى شعبه وحقه في الحياة الكريمة،
ولما كانت مسئولية القوى السياسية هي إيجاد الحلول وابتكار الخرائط والوسائل، والتصدي للراهن وللمستقبل ايضا بذات الحس الانساني السليم، الذي يقدم هم الوطن فوق ما عداه، مستندة في ذلك على التجربة البشرية والمنهج العلمي والحدس الاجتماعي والمكاسب التاريخية، فإن ذلك يتم لا لمجرد الهروب من وصمة الفشل، بل لطلب النهضة والتحديث والنجاح لصالح بناء دولة المواطنة والكرامة والحرية والمساواة والرفاه، لإحقاق قيم الحرية والسلام والعدالة، مقراً باستحقاقها لكل مظلوم، عاملاً بشكل يومي من أجل تقليص واقع الفقر والجهل والمرض.
ولما كان السودان في حالة تنازع حاد بين مكوناته منذ فجر الاستقلال، وتعمقت واستعرت باستحواذ الإسلاميين على السلطة في 1989 حتى سقوطهم في 2019، ثم رجوع الردة في إنقلاب 25 أكتوبر 2021، فإن القوى السياسية الديمقراطية والمدنية والثورية الحية ونحن في قلبها، يزداد يقينها بحوجتنا المستمرة لفهم أعمق لأزمات الدولة في السودان وعدم التوقف فقط عند مرحلة إسقاط الإنقلاب.
إننا ندرك بان المشوار لبناء فترة انتقالية مدنية حقيقية وضمان التحول الديمقراطي ومن ثم لبناء الدولة السودانية الجديدة مستمر واستحقاقاته تتطلب الشراكة والعمل بتجرد مع جميع المؤمنين بنفس الاهداف والمبادئ التي اخترناها إبان ثورة ديسمبر المجيدة، والتي بعثت الآمال السودانية من ركامها في البئر العميقة التي القتها فيها قوى الظلام لمدة 30 عاماً.
إن الثورة السودانية العظيمة التي تتوجت في ديسمبر ولا تزال امواجها تتصاعد، قد مهرتها دماء مئات الآلاف من السودانيين على طول التاريخ، تنتاشها الان السهام والزوابع والتعقيدات الداخلية والتدخلات الاقليمية، وانفجار الصراعات القبلية وتعثر عمليات التحديث الاقتصادي، وتوقف المصالحة الوطنية والاهلية الشفافة وانسداد الافق امام اقرار السلام المستدام وانهاء الاحتراب.
كما ان عملية التغيير الجذري اصطدمت امام حائط المزايدات العمياء، والخلافات الأيدلوجية، وأضحت الساحة السياسية السودانية تعيش حالة من الاستقطاب الحاد والشلل المرهق الذي تسبب فيه انشغال جنرالات البشير وبعض الساسة الجدد في حصد غنائم المعركة التي لم تنته بعد ضد نظام الفساد والاستبداد وبقاياه في الدولة والمجتمع، مما نتج عنه إنقلاب 25 أكتوبر الدموي كنتيجة منطقية لتلك الشراكة البائسة.
ويبين الراهن بوضوح، أن ثورة ديسمبر المجيدة تشهد فصلاً خطيراً يتمثل بتكشير اللجنة الأمنية عن انيابها، وحلمها بالحكم بالأصالة والانفراد لا بالوكالة والشراكة، في ظل تصاعد النعرات الجهوية المناطقية التي ردتنا الى العصور الوسطى، وافرزت حالة من ضعف القوى الثورية والشعبية تغري بالطمع اصحاب المشاريع الاقليمية الغامضة، التي ترفع لوائها قوى وتشكيلات متعددة من مجموعات الثورة المضادة للعمل وفقا للمصالح المتعددة داخلياً وخارجياً
إننا نرفض بشكل قاطع الانقلاب الراهن وأي اتفاقات تنتج مع قادته، باعتبار إن إدارة الدولة لسنين طويلة تحت الحكم العسكري لم تكن إلا ذريعة لإطالة حكم من لا وزن له، وقمع لأصحاب الحق والمصلحة من حقهم في اختيار من يحكمهم، كما ان تعطيل الحكم المحلي وتركه بلا إدارة ولا قرار طوال عامين ونيف كان في مصلحة الدولة العميقة وتمهيداً لعودة حكم المؤتمر الوطني عبر واجهات أخرى، بدون إصلاح حقيقي يطال وحدات الدولة البنائية بل يبقى التغيير شكلياً فقط.
اننا إذا كنا قد رفضنا حكم الإسلاميين والحركة الإسلامية بالباطن عبر المؤتمر الوطني ونظام البشير من قبل، فإنه من الطبيعي أيضا أن نرفض حكم جنرالات البشير وتحالفهم مع المجلس المركزي للحرية والتغيير سابقاً، ومع الفلول حالياً، للسيطرة على البلاد والتحكم في كل قرارات الدولة وصنع الأعداء حتى من مع شركاء الامس من قحت والحركات المسلحة.
ان إنقلاب العسكر ومحاولة بعض قوي الحرية والتغيير لإعادة التحالف معهم هو طعنة نجلاء توجه لمطالب الجماهير في سلطة انتقال مدنية حقيقية، تحرر البلاد من بقايا حكم البشير وجنرالاته، وهو محاولة لإفشال مطالب الشعب وفرص قيام فترة انتقالية حقيقية بأيدي بعض ثوار الأمس
إن إدارة الدولة هي عملية مستمرة ويومية ودائمة من القيادة الفاعلة الرشيدة المرتبطة بمصالح الناس، وليس استصدار القوانين واللوائح والقرارات فقط، وهدف القوى المدنية والديمقراطية هو تقديم تلك القيادة الرشيدة الفاعلة وتقديم البدائل العلمية والعملية لحكم السودان بما يلبي تطلعات ومصالح اهله.
إن مجموع التحالفات الإيجابية ومبادرات الإصلاح الناجحة منذ سقوط النظام وحتى الانقلاب تكاد تعد على أصابع اليد الواحدة، وذلك لأن الأغلبية العظمى من القوى السياسية قد قبلت منطق الشراكة والمحاصصات والإدارة الفاشلة دون تخطيط وبدون آليات تنفيذ وبناء سليمة، مما جعل حياة الناس تسير من سيء الى اسوأ، ومما دفع بالأزمات الأمنية والسياسية التي قمتها، حتى كانت النتيجة المنطقية هي انقلاب جنرالات البشير.
إننا ومع علمنا إن الشعب كله قد عانى تحت حكم البشير ثم حكم الشراكة العقيم والآن تحت وطأة الانقلاب، ندرك مع ذلك إن مناطقاً وشعوباً عديدة عانت من ويلات الحرب بالدولة السودانية، وذاق مواطنيها أمر سنين حياتهم تحت وطأة الفقر والنزوح وانعدام الأمن، أكثر من غيرهم، وتلك المناطق تحتاج الى اهتمام أكبر في أي مرحلة انتقالية قادمة.
لذلك فقد تداولت القوى الموقعة أدناه، وكلها قوى ديمقراطية ومدنية وقع بعضها في حينه على اعلان الحرية والتغيير، بينما شارك بعضها الآخر في الثورة من مواقعه المستقلة، وتوصلت الى ضرورة التكتل تحت اسم (تحالف القوى المدنية والديمقراطية-تقدم)
بداية عملاقة
وفقنا الله جميعا لخدمة هذا البلد العظيم
أن الوطن في حوجة أبنائه وتكاتف وتوحد شعبه تقدم تحالف كبير وقوي قادم بقوة ولكم الف تحية من القلب احرار بلدي والتحية غيركم للجان المقاومة الأوفياء ورحم الله شهداء الوطن
لجان المقاومة هي القوة الفاعلة على الأرض ويجب أن تتبنى هذا الإعلان والعمل عليه من داخل السودان والذين خارج السودان يجب عليهم الدعم الخارجي وطرح البرنامج على مستوى دبلوماسي واعلامي